صابرينا قصة عروسة

PHOTO-2024-08-31-13-39-47
00:00
00:00

بقلم د امنية المراغي

 

كانت الغرفة صامتة، إلا من صوت دقات الساعة القديمة على الحائط. في زاوية الغرفة، جلست نرمين وهي تحتضن عروستها “صابرينا”. كانت العرائس الأخرى مصطفة حولها كجيش من الألوان، وكأنها تنتظر إشارة للحديث. نرمين لم تكن تلك الفتاة الصغيرة بعد الآن، لكنها ظلت تنكمش في ذات المكان الذي لجأت إليه في طفولتها كلما اشتد عليها الحزن.

**صابرينا** (بصوت عميق): “كنتي دايمًا تحكيلي عن كل حاجة، ليه بطّلتي تآمني بيا؟”

**نرمين** (بصوت خافت): “كبرت يا صابرينا… والدُمى ما بتحلش مشاكل الكبار.”

ابتسمت صابرينا، تلك الابتسامة التي كانت نرمين تعرفها جيدًا. ولم تكن وحدها، بدأت العرائس الأخرى تتحرك ببطء، كأن الحياة تسري في أجسادها المصنوعة من القماش والخشب.

**صابرينا** (بصوت دافئ): “لما كنتي صغيرة، كان عندك أحلام كتيرة، وكنتِ دايمًا شجاعة تكافحي عشان تحققيها. فين راحت الشجاعة دي؟”

**نرمين** (تتنهّد): “ضاعت في الزحمة… زحمة الأيام والمشاكل.”

في تلك اللحظة، تقدمت عروسة صغيرة كانت دائمًا ما تجلس على الرف، **العروسة ليلى**. لم تكن ليلى تتحدث من قبل، لكنها الآن قالت بصوت واثق: “الحقيقة يا نرمين، أنتي اللي نسيتِ إن الجواكي قوة أكبر من أي مشكلة.”

نظرت نرمين إلى ليلى بدهشة: “من أمتى بتتكلمي؟”

**ليلى** (مبتسمة): “من لما احتجتي تسمعي صوت مختلف… صوتك الداخلي اللي نسيتِه.”

بينما كانت نرمين تنظر حولها في دهشة، تقدمت **العروسة ندى**، بوجهها المشرق وعيونها الواسعة، وقالت: “فاكرة لما كنتِ تقعدي ترسمي لينا كل يوم؟ كنتي دايمًا مبتسمة حتى لو الدنيا كانت مش رايقة.”

**نرمين** (بصوت هادئ): “كنّا نحلم ونرسم عشان نغيّر الواقع، بس…”

قاطعتها **صابرينا**: “الواقع بيتغيّر لما بنؤمن إن لينا قدرة عليه. أنتي نسيتِ ده، بس إحنا هنا عشان نذكرك.”

بدأت الغرفة تمتلئ بالدفء، كان الأمر كما لو أن العرائس تعيد إحياء ذكريات قديمة كانت قد طمستها السنوات. كل عروسة تمثل جزءًا من نرمين، ذكرياتها، أحلامها، وحتى مخاوفها. ببطء بدأت نرمين تستشعر قوة بداخلها لم تكن قد شعرت بها منذ سنوات. شعرت بشيء يتحرك داخلها، شيء يجعلها تبتسم أخيرًا.

**نرمين** (بصوت حازم): “يمكن أكون نسيت، بس إنتوا رجعتوا كل حاجة… مش بس عروسة، صابرينا… إنتِ صديقة عمري.”

**صابرينا** (بابتسامة): “إحنا دايمًا هنا، سواء كنتي صغيرة أو كبيرة، قوتك الحقيقية ما بتضيعش، بس بتتوه أحيانا، ودورنا نساعدك تلاقيها.”

وبينما كانت الشمس تبدأ في الظهور من نافذة الغرفة، شعرت نرمين بشيء جديد ينبض في قلبها. لم تكن تلك مجرد عرائس بعد الآن، بل كانت جزءًا منها، جزءًا يعيد إحياء الحلم والقوة التي دفنتها الأيام.

Facebook
Telegram
Twitter
LinkedIn
WhatsApp